كاتب ومحرّر تونسيّ. متحصّل على إجازة في القانون العام، وبصدد إنهاء ماجستير بحث في الفلسفة الاجتماعيّة. لديّ خبرة في الكتابة والتّحرير، وخصوصًا في التّحرير الأدبيّ، إذ أعمل في هذا المجال منذ ثلاث سنوات.
إعادة صياغة النّصوص، وخلق علاقت بين الجمل والأفكار، من أجل تجويدها وجعلها أكثر سلاسة ومقروئيّة.
كتابة نصوص إبداعيّة باللّغة العربيّة.
من كليّة العلوم القانونيّة والسّياسيّة والاجتماعيّة بتونس
الماجستير عنوانه "المعارف والمجتمع"، وهو ماجستير بكليّة العلوم الإنسانيّة والاجتماعيّة بتونس.
أنشر هذه الخاطرة من أجل أن يطلّع عليها من يرغب في اكتشاف أسلوبي الأدبيّ.
----
وَضَع جدّي يده على كتفي بهدوء وقال:
- اسمع.
كُنّا نستمع إلى الموسيقى ونتحدّث. ولم يقل جدّي اُسكت، قال اِسمع. هذا تفصيل أُحبّه، وهو واحد من تفاصيل كثيرة أتصالح مع وُجودي حين أتذكّرها. كلّ شيء كان جميلًا في ذاك المساء. أذكر الطّقس الّذي بدا لطيفًا إلى حدّ جعلَنا نغفُل عنه، الكلب، الأرجوحة وجدّتي، أمّي وهي تشوي اللّحم، مكتبة جدّي والغراموفون وموسيقى باخ الّتي انبعثت منه. بصراحة، لقد كنّا أجمل من أن نموت، ولكنّ هذه المسألة بالذات تتجاوزنا، لذا لنعد إلى جدّي وولعه بالموسيقى. قَلَّ ما وجدتُ في ذاكرتي طيفَ جدِّي وهو يستمع إلى الموسيقى جالسًا، جدِّي يتذوّق الموسيقى هكذا، يجبُ أن يقف، وأن يكفّ عن النّظر إلى النّاس، أظنّ أنّه كان يتعمّد أن نذوب في الموسيقى ونتلاشى، كان يبدو كأنّه يهرب من شيء مّا مملّ هُنا، كان يبدو مَخطوفًا، فأحسّ بشيءٍ غريبٍ يجذبني إليه، أظنّ أنّه شُعور الشّخص الّذي يتأكّد من أنّه مُعجبٌ بشخصٍ مّا، إنّه ذاك الشّعور، نعم. كُنت أحسّ بأنّي مُعجب بجدّي، وقد اقتنصتُ تفاصيله وجعلتها تكون مثل نقاطٍ أنطلق منها نحوَ الحياة الشّاسعة. كان جدّي النّقطة الّتي أندفعُ منها، وأهرب إليها. احتواني. هذه هي الكلمة.