نبذة

فلسطيني الجنسية، كاتب وشاعر. إلى جانب اهتمامي البالغ باللغة العربية، لدي اهتمامات أخرى في مجالات الفلسفة والسياسة والعلوم الاجتماعية. كما أنني لدي صوت رخيم، أستطيع من خلاله القدرة على الإلقاء بطريقة رائعة، كذلك أستطيع أن أكون مقدِّمًا للبرامج أو مذيعًا.


الخبرات

خبرة في مجال الكتابة الإبداعية لمدة أقصاها ست سنوات.

تدربتُ في مؤسسة تامر التعليمية، لمدة تتجاوز ثلاث سنوات، كما أنني عملتُ عن بعد، في كتابة المقالات في صحيفة الحدث وغيرها لمدة تتجاوز ثلاث سنوات.


أعمالي: عملتُ في صحيفة الحدث، في كتابة المقالات، ومدققًا لغويًا ومحررًا للطلاب في واجباتهم.


العالم ما بعد كورونا

يواجه العالم بكافة اختلافاته الثقافية والسياسية وباءً فاتكًا، يفتكُ بالبشريّة كما يفتكُ بأقوى النَّظريات التي كانت قد بُنيتْ كتعليلٍ قويٍّ لدور الدّولة، وعلاقة الدّولة بالفرد، وعلاقة الدّولة بالدّولة، والنّظام الدّولي، وعلاقة الفرد بالإيمانيّات. يقول جون آلن، رئيس معهد بروكنجز، في مجلّة فورين بوليسي:"إن جائحةَ كورونا شأنُها شأن أحداثٍ مفصليّة في التّاريخ، كسقوط جدار برلين"، الذي أسفر عن تغييراتٍ جوهريّة في السّياسة، كانهيار النّظام الإشتراكي، إذن نحنُ نتعاملُ مع مرحلةٍ بالغةِ الأهميّة، قد تُؤدي إلى قلبِ الطّاولةِ السّياسيّة رأسًا على عقب، مما يقودُنا إلى دراسةٍ ضروريّة للوقائع الآنيّة، والتّساؤلِ ومحاولةِ التّنبؤ بشأنها.

 

أولًا: دور الدّولة، من الطّبيعي جدًا أن يتمثّلَ دورُ الدّولةِ في حمايةِ شعبها وأرضها، وتوفيرِ الأمن والأمان لهم، وتحصينِهم من الأوبئة والحروب، لكن، هذا الدّور تتفاوتُ مستوياتُهُ من دولةٍ إلى أخرى. في ظلِّ هذا الوباءِ المتفشي كالنّارِ في الهشيم، من أهم ما تقومُ به الدّولة هو محاصرة الوباء، وإيجادُ طريقة لعلاجه، لكن هناك العديد من الدّول، بمختلف الأنظمة السّياسيّة، واجهت صعوباتٍ عديدةً في حصار الوباء، وهذا لسببين رئيسيين: فالأوّل: عدمُ القدرة على ضبط المجتمع، والّذي يجب عليه، بحسب النّظرياتِ التي تدعمُ عقلانيّة الفرد في محافظته على حياته، أن يضبطَ نفسَهُ بنفسِه. أمّا الثاني: فيتمثّلُ بضَعف معظم الأنظمة الصَحيّة الطَبيّة في العالم، التي من المفترض أن تكونَ مجهّزة لمثلِ هذه الأوبئة، وخصوصًا في الدوّل المتقدمة. فالسَؤال هنا جلي كل الجلاء: هل ضبط المجتمع كافٍ لمحاصرة الوباء أم أننا بحاجة إلى نظام صحّي متكامل ومتطور؟

 

ثانيًا: علاقة الدّولة بالفرد، لاحظ دكتورُ العلوم السياسية في جامعة بير زيت، علي الجرباوي، أن هناكَ تعاظمًا في دور الدولة، ممثلةً بالحكومة، وازديادًا ملحوظًا في تدخّلها بمعظم الجوانب المتعلّقة بتنظيم الحياة المجتمعيّة، حيث كان، هذا الأمر، متروكًا للمجتمع إذ ينظم نفسَهُ بنفسِه، وأكّد على أن اعتيادَ الفردِ على الإنصياع لتعليمات الحكومة يكرّس مفهومَ سلبِ الحرّيات والتّقييد المُلزَم، وينتهي به المطافُ ليصبحَ مجرّدَ تابع لسلطة الدّولة. وفي سياقٍ آخر، رأينا، مؤخرًا، أن بعض الأفرادِ عندما شعروا بعدم الأمن والأمان، أصبحوا يناشدون الحكومة بأن تشدِّدَ العقوبات على من لا يلتزم بتعليماتها، وهذا يقودنا، بطبيعة الحال، إلى نظريّة عدم اليقين أو الرّيبة بحسب هوبز، والتي ينتهي بها الحال في تنازل الأفراد عن حقوقهم وحرّياتهم لسلطة ما؛ رغبةً في الاستقرار، وهذا يناقض ما تريده الشعوب في الحالات الطبيعية الهادئة، بل ينبذونه ويرفضونه رفضًا تامًا؛ فالسّؤال: فهل تتجه الشعوب إلى منحى آخر متمثّل بتشريع الحكم التوتاليتاري (بتعريف حنّة أرندت)؟

 

ثالثًا: علاقة الدّولة بالدّولة، رأينا، أن هناك سقوطًا اضطراريًا لمفهوميّ العولمة والاعتماديّة المتبادلة اللذان كانا يسيطران، إلى حد الإندماج الثقافي والإقتصادي والسّياسي في بعض الأحيان، على العالم، وخيرُ مثالٍ على هذا السّقوط: موقف الإتّحاد الأوروبي تجاه إيطاليا التي لم تكن قادرة على محاصرة الوباء المتفشّي، كما كانت دول الإتّحاد تتخوّف وتنطوي أكثر على ذاتها، وتقلّلُ بنسبة كبيرة من حدّة الاعتمادية؛ وهذا يقودنا إلى سؤالٍ ربما مهم: هل نتجه نحو انكماش العولمة والاعتمادية؟

 

رابعًا: النّظام الدّولي، إن تقدّم الصين المتزايد يشكّلُ تهديدًا للسيطرة الأمريكيّة الإنفراديّة على المركز الدّولي، كذلك الإعجاب العالمي المتصاعد بالصين كدولة تُقدّم المساعدات الإنسانيّة في عصر ينجو فيه من لديه الفكر الإنساني، وكدولة استطاعت محاصرة وباء كورونا بتقنيّة عالية؛ مما يزيد من كفّة الصين على الميزان العالمي مقابل كفّة الولايات المتحدة الأمريكية التي بدأت بالتناقص نسبيًا في ظل رئاسة ترامب. الخطير في الأمر، وما هو ملفت للأنظار، أن المجتمعات المشهورة بصرامة قوانينها، أظهرت استجابة ومحاصرة أكثر فعاليّة للوباء، مثل كوريا الجنوبية، والصين، على عكس الدّول الديموقراطيّة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن، إذ كنا نتحدث عن الصين، فتباعًا لنظرية إعمال العقل لدى إبن خلدون، فهي استمرت في محاصرة الوباء من ثلاثة إلى أربعة أشهر، وهذه فترة مدهشة، لكن في المقابل، لم تأخذ الولايات المتحدة الأمريكية فرصتها، كزعيمٍ أساسيّ للنّظام الدّولي، بمثل هذه الفترة بعد؛ فالسّؤال: هل فقدت الولايات المتحدة الأمريكية مركزها؟ وهل هي قادرة على استعادة مركزها من الصين إن فُقد؟

 

علاقة الفرد بالإيمانيّات: سقط القناعُ عن الأوهام التراجيديّة التي تُبنى على أساسات هشّة التكوين، والتي تساعد بالضّرورة على الحد من التفكير والميل إلى الكسل الذهنيّ والعملي، كما أن المرحلة أزاحت اللثام عن الأشخاص الذين لديهم حس غريب، حس بالمؤامرة الكونيّة الدّائمة، سواء كانت بشرية أم إلهية، حيث أظهرت هذه المرحلة أن الكورونا يصيب المؤمن وغير المؤمن، كذلك يصيب الدول القوية المتنافسة والضعيفة المتآكلة، كما أنها بيّنت أن المصاب لا يمكنه أن يتعافى بحبّة تمر أو دعاء؛ السّؤال: هل نحن مقبولون على مرحلة خاوية من الأفيون الذي في عادته يصيب الشّعوب المتآكلة ذهنيًا؟


اليأس الفلسطيني

بعد تخرّجي من جامعة بير زيت، توقّعتُ احتواءَ الناسَ والمؤسسات لي؛ ليس لأنّي مدهشٌ في أدائي، بل لأن عندي أداء على الأقل. كنتُ أراهنُ الجميع على نجاحي المحتّم، لم أفكّر قط بماهيّة الفشل، كان الفشلُ مستبعدًا بالنسبة لي. كنتُ أعرفُ نفسي وما تستحق، وأعرفُني حين أريدُ شيئًا لا أقعد عنه، أظلّ أسعى إليه حتى يتحقق.

 

كان لديّ طموحاتٍ كثيرة، كنتُ أراني فيها سيدًا على نفسي، ورحيمًا على غيري. كان في مخيّلتي كلّ شيءٍ يمتاز بالسهولة، فقط يحتاج إلى جهدٍ وسعي، ودائمًا ما كنتُ أقول: "نحنُ لها"!

 

اليوم، بعد مرور عامٍ ونصف، صُدِمتُ بل صعقتُ بمفاهيم الواسطة والمحسوبية عندما رأيتها على أرض الواقع واقفةً كقنبلةٍ أمامي، بعد كثيرٍ من الخذلان المتجدد كلُّ شيءٍ تغيّر؛ لم تعد طموحاتي ذاتها، ولم أعد أرى الأشياء سهلة، وصرتُ مشكّكًا في إمكانيّاتي، فعبارة "نحن لها" صارت "يمكن أن أكون لها"، وصار ذهني يعرفُ ماهيّة الأشياء جيدًا، يركبُ حصان الواقع لا الخيال، وينزل عند أوّل فرصة متاحة حتى لو لم تكن مرغوبة.

 

تنازلتُ عمّا أرغبُ به؛ لندرته أو انعدامه، وهذا التنازل حتمًا كان رغمًا عني، وتحديًا لغيري، ورأفةً بذاتي.

 

قلّت شعبويّتي، بمفهومها العام والخاص، أما العام فصارت الناس تبتعد عنّي، وتشعر أنني بائسٌ مزعج، وأمّا أنا فانتقلتُ من الشعبوية إلى الفردية المطلقة، صرتُ أتقوقع داخلي، وأحصر جهدي لإنماء فرديتي فقط، صرتُ أرى العالم بعين الفرد لا بعين المجتمع والوطن، وهذا كان كفيلًا بأن يُحدِثَ تغييرًا جذريًا في مخزون المبادئ لديّ، انحدرت مبادئي العليا وعلا شأنُ مبادئي الصغرى، تلك التي عجزتُ حقًا عن تحقيقها في هذا البلد المترهّل، كالاستقلال في بيتٍ أو وظيفة، صرتُ أرى الناس بعيونٍ ناعسة، وعقلٍ مترفّعٍ عن كل دنيء، وقلبٍ نائمٍ لا يحنّ إلى أحد، تحوّلتُ إلى رصاصةٍ طائشة لا تعرفُ إلى أين تذهب وماذا ستصيب في طريقها نحو القتل.

 

لستُ تعيسًا أو نادمًا على هذا التّحوّل أبدًا، بل سعيدًا به؛ فمن غيري سوف يشق طريقي، ومن غير محاولاتي سيجعلني سعيدًا؛ "فلا أحد إلّاكَ في هذا المدى المفتوح للأعداء والنسيان". هذه المحاولات الشخصية التي أمرُّ بها هي في الحقيقة محطّات مهمّة في حياتي، ربما أقف لحظةً لأستريح، لكن ليس للأبد.

 

أكثرتُ من انحرافاتي عن مسار الحياة الذي كنتُ قد رسمته أوَّلَ وعيي، وعبثتُ بمعتقداتي (في الدين والوطن) كثيرًا، والعبثُ هنا كان منظَّمًا ومنطقيًا جدًا لي، بينما لغيري قد يكون كفرًا وتيهًا. لم يعد بالنسبة لي الدينُ شيئًا أساسيًا في الحياة، بل صار شيئًا ثانويًا يمكن له، إذا تصوّفَ المرءُ به، أن يكون مكمّلًا لحياةٍ سعيدة، فالإيمان مهما كان مرتبطًا بأمورٍ لا يفهمها العقل يظل محلّ اطمئنانٍ للقلب. هكذا هي الحال. أما الوطن، فمفاهيمه انقلبت رأسًا على عقب، لم يعد في عينيّ بمثابة أمٍ تحنو وتسأل بين الفينة والأخرى عن رعاياها، بل صار كما هو، أبًا سكّيرًا أعمى، وخائنًا شرسًا وناهبًا، يأكلُ لحمَ أولاده، ويُظهر للغريبِ كرمًا زائفًا من لحمهم، ويسألهم كلّ يومٍ عن ضريبةٍ ما يختلقها بنفسه لنفسه.

 

بيني وبيني كنتُ أفكّر في مواجهة هذه المعتقدات البالية، بالنص المنطقي أو بالصورة الواضحة، حاولتُ ثمّ تراجعتُ عند أوّل مواجهة، ليس لضعف حجتي إنما لكثرة الضجيج، ولصوت الغباء المستفحل في النّاس.

 

قررتُ المحاولة من جديد، لكن بشكلٍ مختلف هذه المرة، مشيتُ على فكرة ميكافيللي "الغاية تبرر الوسيلة" و"البرغماتية" أو التكيّف بحسب الظّروف. والآن، وجدتني في مكانٍ لا أنتمي إليه ولا ينتمي إليّ، عامل باطون في الداخل المحتل! يرثُ حزن أجداده على كتفه، ويحمل الحقد على كل مسؤولٍ في السلطة (الفلسطينية) في قلبه، ويشتمُ الناس لتجاهلهم لصيحاته وفنّه، كذلك يشتم واقعه الذي أجبره على المقايضة بنفسه لأجل لقمة عيشه.. رغم ذلك، إنني أفكّرُ في اللجوء إلى أجهزة الأمن (الفلسطينية)، كضابط شرطة، بعد أملي في النجاح والنجاة من الدورة التدريبية، تلك التي يحددون فيها شخصية الفرد، ويسرّحون شعره على ذوقهم الخاص، ويوجّهون عقله على تركيبتهم الملطخة بالتبعية.

 

أنا لا شأن لي بكلّ هذا الخراب، وأنت أيها القارئ، أرجوك لا تنظّر عليّ، لستُ مسؤولًا عن هذا كله، ولستُ نادمًا، أنا فقط أحاولُ جاهدًا ألا أمد يدي إلى أحد، وألا أتسول من مؤسسات رايتها الفن والحرية وتحفيز الفرد ولكنها تختبئ فعليًا خلف مصالحها الشخصية، سواء كانت مجتمع مدني أم حكومية، فكلاهما يسعى إلى الربح. لا تحاول أن تقول لي: حاول في مجالاتٍ ثانية، حاولت ويئست، وانتهى.

 

يا صديقي، أنا لا أبرر هزائهمي إن كانت هزائم حقًا، ولا أرجوك أن تغفر لي؛ لستُ مذنبًا، بل أنت وهو وهي. إنني أحاولُ أن أجد نفسي وسط هذا التيه العام، أحاولُ ترميمَ نفسي التي أرهقتموها وأزهقتموها قتلًا وتدميرًا. قلتُ مرّات كثيرة، سيخسرني وطني كشاعرٍ أو ككاتبٍ محترم، لكنَّ أحدًا لم يسمعني، كان التجاهلُ سيدَ الموقف، وكانت الأيامُ سريعة عندما مرّت فوقي وأنا كنتُ كسلّة المهملات، مهملٌ ومؤجّل؛ لذلك قد آن أوان الوقوف.


شهادات


نصّي وصوتي.

هل تبحث عن فرصة للعمل عن بعد؟

حدد التخصصات التي ترغب في العمل بها لنرسل نشرة الوظائف الدورية إلى بريدك الإلكتروني

برمجة وتطوير
تسويق ومبيعات
كتابة وترجمة
تصميم
إدارة وأعمال
دعم فني
المجالات الأخرى